14 April 2025
كلمة معالي الشيخ الدكتور/ علي بن مسعود بن علي السنيدي الموقر رئيس الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة

لقد شهد العام 2024م زيادة ملحوظة في حجم الاستثمارات الملتزم بها المحلية والأجنبية، كما تم التوسع في مشاريع البنية الأساسية في مختلف المناطق، فيما أطلقت الهيئة مبادرات جديدة لتعزيز الابتكار والاستدامة والتحول نحو استخدام الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى ذلك ركزت الهيئة على تطوير الخدمات الرقمية، مما يسهم في سرعة إنجاز التراخيص وتحسين بيئة الأعمال، إلى جانب ذلك تستمر الهيئة في تعزيز التكامل بين المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة والمدن الصناعية لدعم التنويع الاقتصادي والنمو المستدام.
توضح المؤشرات التي سنستعرضها في هذا اللقاء ما تم تحقيقه خلال العام 2024م بحسب أولويات رؤية عُمان 2040م.
ومن أبرز إنجازات الهيئة خلال العام المنصرم:
أولاً: أولوية القطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي
فقد شهد عام 2024م نمواً في حجم الاستثمار في المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة والمدن الصناعية بشكل عام بنسبة (10%) مقارنة بالعام 2023م، حيث بلغ حجم الاستثمار الملتزم به حتى نهاية ديسمبر 2024م حوالي (21) ملياراً ريالاً عمانياً منها (6٬3) مليارات ريال عماني ملتزم به في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، حيث نمت بمقدار (5%) عن العام 2023م، كما سجلت المناطق الحرة بنهاية ديسمبر 2024م حجم استثمار وصل إلى (6٬6) مليارات ريال عماني، حيث شهدت المنطقة الحرة بصحار زيادة كبيرة في حجم الاستثمار التراكمي؛ فقد قفزت إلى الضعف حيث ارتفع الاستثمار التراكمي الملتزم به من حوالي (600) مليون ريال عماني بنهاية ديسمبر 2023م ليصل إلى أكثر من (1٬3) مليار ريال عماني بنهاية ديسمبر 2024م؛ لتمكنها من استقطاب مشروع مصنع البولي سيلكون باستثمار قُدر بحوالي أكثر من نصف مليار ريالاً عمانياً، والذي يغذي صناعة الألواح الشمسية وغيرها من الصناعات.
وسجلت المدن الصناعية حجم استثمار ملتزم به لغاية ديسمبر 2024م قُدر بحوالي (7٬6) مليارات ريال عماني بنسبة نمو بلغت (3٬3%)، فيما نمت الاستثمارات في مدينة خزائن الاقتصادية بنسبة لافتة قُدرت بحوالي (18٬8%)، حيث بلغ إجمالي الاستثمارات الملتزم بها أكثر من نصف مليار ريال عماني حتى نهاية ديسمبر 2024م.
وأوضحت نتائج المسح الاقتصادي الذي نفذته الهيئة بالتنسيق مع المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في منتصف العام الماضي واستهدف المنشآت العاملة في المناطق الاقتصادية والحرة والمدن الصناعية، أن إسهام هذه المناطق في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022م بلغ (7٬5%) وهو ما يمثل (11٬6%) من مساهمة الأنشطة غير النفطية لعام 2022م، كما بلغت قيمة الصادرات من المناطق أكثر من (4٬5) مليارات ريال عماني وهو ما يمثل (17٬9%) من إجمالي قيمة الصادرات في سلطنة عُمان ونسبة (38%) من قيمة الصادرات غير النفطية لذات العام، وتعمل الهيئة بالتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار على تحديث البيانات.
وتشير بيانات الهيئة بأن المشاريع قيد التفاوض ارتفعت لتصل إلى (180) مشروعاً في مختلف القطاعات الاقتصادية من بينها الصناعات الطبية والدوائية والصناعات الغذائية والسمكية والصناعات المرتبطة بالطاقة المتجددة والصناعات البتروكيماوية وغيرها، منها (12%) من المشاريع تعمل عليها الهيئة بالشراكة مع صالة استثمر في عمان وفريق التفاوض الوطني.
وخلال الفترة الماضية، تم تنظيم معرض وملتقى المزيونة الاقتصادي بمشاركة أكثر من (100) شركة عمانية ويمنية بالإضافة إلى شركات دولية أخرى، وذلك بهدف دعم القطاعات الواعدة والفرص الاستثمارية المستهدفة في المنطقة، وقد شهد المعرض المصاحب إقبالاً ملحوظاً، حيث تجاوز عدد الزوار (3000) زائر.
كما بدأت الأعمال الإنشائية لمشروع أكمي للهيدروجين الأخضر بالدقم وبلغت نسبة الإنجاز للمرحلة الأولى بنهاية العام الماضي (٦٪)، هذا بالإضافة إلى بدء الأعمال الإنشائية في مشروع فولكان للحديد الأخضر بنسبة إنجاز بلغت (٢٢٪) حتى نهاية ديسمبر ٢٠٢٤م.
أما فيما يتعلق بميناء الصيد البحري متعدد الأغراض ومجمع الصناعات السمكية والغذائية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، واللذين يشكلان رافداً اقتصادياً مهماً للمنطقة، فقد تم استقطاب عددًا من المشاريع المرتبطة بقطاع المنتجات السمكية.
وتم طرح مناقصة المرحلة الأولى من أعمال البنية الفوقية لمجمع الصناعات السمكية، والتي تحتوي على شبكات الطرق والخدمات العامة، ويجري حالياً العمل على استكمال الحزمة الثانية التي ستضم مجمعاً للصناعات الغذائية ومعالجة اللحوم وسوقاً مركزياً ومنافذ لتسويق المنتجات الطازجة، إضافة إلى مبانٍ تجارية وإدارية، بهدف استكمال منظومة الخدمات والمرافق العامة ليكون مجمعاً غذائياً وسمكياً متكاملاً.
كما يجري التخطيط لتنفيذ مشروع التجمع الاقتصادي لسلاسل التبريد بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم لإنشاء مستودعات للتبريد والتجميد، ومصانع لمعالجة الأسماك لتعزيز القيمة المحلية المضافة.
كما قامت الهيئة بتحديد موقع داخل نطاق الميناء لإقامة محجر بيطري بالتنسيق مع وزارة الزراعة والثروة السمكية وموارد المياه، دعماً لتمكين الميناء من التعامل مع مختلف العمليات المرتبطة بمشاريع الأمن الغذائي.
ثانياً: أولوية التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية
تستمر الهيئة في تطوير المناطق الاقتصادية والحرة والمدن الصناعية الجديدة مركزةً على التنويع الاقتصادي، فقد شهد العام 2024م بدء الأعمال الإنشائية للمرحلة الأولى في المنطقة الحرة بمطار مسقط الدولي، حيث بلغت نسبة الإنجاز بنهاية العام ما يقارب (10%).
فيما تم إسناد أعمال مناقصة الخدمات الاستشارية لأعمال التصميم التفصيلي والإشراف على تنفيذ مرافق البنية الأساسية للمرحلة الأولى من المنطقة الاقتصادية المتكاملة بمحافظة الظاهرة، بمساحة تبلغ (6٬5) كيلو مترات مربع كمرحلة أولى لائتلاف عُماني - سعودي، كما تم طرح مناقصة البنية الأساسية والميناء البري والمحجر البيطري بالمنطقة، وسوف تقوم مجموعة أسياد بإدارة الميناء البري بعبري.
وفيما يخص المدن الصناعية القائمة، فقد أثمرت الجهود المشتركة مع وزارة الإسكان والتخطيط العمراني عن توسعة مدينة ريسوت الصناعية، وذلك بعد أن سجلت المنطقة نسب إشغال مرتفعة، ليصل إجمالي مساحتها أكثر من (9 مليون متر مربع) أي بزيادة حوالي (5 مليون متر مربع)، ومن المقرر البدء في تصميم هذه المساحات الجديدة بعد استكمال الموافقات البيئية لتكون جاهزة لاستقبال المزيد من المستثمرين بإذن الله تعالى.
ثالثاً: أولوية سوق العمل والتشغيل
تولي الهيئة اهتماماً بالغاً لرفع نسب التشغيل في المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة والمدن الصناعية، حيث تم خلال العام 2024م تعيين (3597) مواطناً عمانياً في المشروعات العاملة في هذه المناطق، وقد وصل عدد القوى العاملة الوطنية ما يفوق الـ (29) ألف عامل، وبذلك بلغت نسبة التعمين (37%) ضمن إجمالي العاملين والمقدر بحوالي (78) ألف عامل، شاملةً مقدمي الخدمة مقارنةً بـ (75) ألف عامل بنهاية عام 2023م.
وقد حققت المدن الصناعية النسبة الأكبر في نسبة العاملين العمانيين حيث قدرت بأكثر من (40%).
رابعاً: أولوية البيئة والموارد الطبيعية
أنجزت الهيئة خلال العام 2024م الدراسة الاستشارية لمشروع تطوير منطقة الطاقة المتجددة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، كما تبنت مدينة صور الصناعية مشروع الحزام الأخضر والذي يهدف إلى إنشاء مسطحات خضراء تُسهم في تحسين بيئة العمل وتقليل الإنبعاثات الكربونية، كما تم تنفيذ خطة الاستدامة البيئية بالمنطقة الحرة بصحار، والتي شملت مشروع شبكة رصد جودة الهواء.
خامساً: أولوية حوكمة الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع
تنفيذاً للتوجيهات السامية الكريمة فقد بادرت الهيئة في تنفيذ توحيد مسار الخدمات المقدمة للمستثمرين من خلال الربط الإلكتروني مع الجهات الحكومية ذات العلاقة والذي يُسهم في تسهيل الإجراءات وتحقيق المزيد من الشفافية، كما تم تخفيض سعر تأجير الأراضي الصناعية الثقيلة والمتوسطة لتتراوح بين (250) بيسة و(500) بيسة للمتر المربع سنوياً.
كما قامت الهيئة بتنفيذ عدد من المبادرات لتحسين الخدمات المقدمة للمستثمرين منها تقليل مدة تقديم ترخيص بدء المشروع وإعادة هندسة إجراءات الاستيراد والتصدير والإعفاءات الضريبية، ومن جانب آخر فقد تم منح حوافز إضافية للمستثمرين من خلال تخفيض القيمة الإيجارية لعدة سنوات للمشاريع الجديدة في مدينة عبري الصناعية ومدينة صور الصناعية ومدينة محاس الصناعية، كما اعتمد مجلس إدارة الهيئة تخفيض القيمة الإيجارية وإعفاء للسنوات الأولى للمشاريع الجديدة عند إقامة هذه المشاريع في المدن الصناعية قيد الإنشاء في المضيبي والسويق ومدحا.
وقد حققت الهيئة نسبة (75%) في مؤشر رضا المستفيدين عن الخدمات المقدمة من الهيئة والمناطق التي تشرف عليها، وذلك بحسب المسح العام الذي نفذه المركز الوطني للإحصاء والمعلومات للعام 2024م، كما حصلت الهيئة على نسبة (86%) في بند التحول الرقمي ونسبة (95%) في بند الالتزام الحكومي، هذا بالإضافة إلى ارتفاع تقييم الهيئة في منظومة الإجادة المؤسسية ليصل إلى (97.5%) وذلك عن عام 2024م.
لقد صدر منذ أيام قريبة قانون المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة بموجب المرسوم السلطاني رقم (38/2025)، الذي يهدف إلى تعزيز ثقة المستثمرين من خلال توحيد المنظومة التشريعية لهذه المناطق، كما سيسهم القانون في تطوير بيئة الأعمال في المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة وجعلها أكثر جاذبية، واشتمل القانون على بنود صريحة تتعلق باشتراطات منح الموافقات والحوافز والتسهيلات وتوحيد الإعفاء من ضريبة الدخل لكافة المناطق لمدة تصل إلى (30) عاماً تُراجع كل (10) أعوام، وإجراءات تخصيص الأراضي والعقارات وفترات السماح بمزاولة الأنشطة في المناطق الاقتصادية والحرة، وتنظيم إصدار التراخيص للعمالة، وتنظيم الاستيراد والتصدير المؤقت من وإلى المناطق، وإجراءات تحويل المشروعات بين المناطق، هذا بالإضافة إلى أحكام خاصة تتعلق بالإدارة الجمركية وتحديد التزامات الجهات المشغلة في المناطق الحرة، وبند خاص يتعلق بتنظيم مشروعات التطوير العقاري داخل المناطق الاقتصادية بما في ذلك إتاحة المجال للتملك العقاري.
سادساً: أولوية تنمية المحافظات والمدن المستدامة
واصلت الهيئة جهودها في تحسين نمط الحياة بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، فقد عملت على مشروعات التشجير وتوسيع الرقعة الخضراء، كما تجاوزت نسبة تطوير حي صاي التجاري الجديد ما نسبته (90%) مع توفير كافة الخدمات المكملة؛ ليصبح أحد أحدث الأحياء التجارية في البلاد.
واستكمالاً لإجراءات التطوير والتنفيذ وإنتقال مسؤولية الإشراف على الخدمات البلدية والمرافق العامة إلى الهيئة للمخططات المرفوع عنها صفة المنفعة العامة، فقد تم إعداد التصاميم التفصيلية للمرحلة الأولى لشبكة الطرق الرئيسية والفرعية لهذه المخططات ضمن مهام الهيئة لتوفير الخدمات البلدية بالمنطقة.
كما تم طرح مناقصة للخدمات الاستشارية لإعداد المخطط التفصيلي للمنطقة السياحية، بهدف التطوير وتقديم خيارات متنوعة تلبي تطلعات الزوار والمقيمين، ومن جهة أخرى سجلت المدارس في الدقم نمواً بنسبة (47%) في عدد الطلاب المسجلين خلال الأعوام الثلاثة الماضية وهو مؤشر يدل على انتقال المزيد من الأسر للعمل في الدقم والعيش في الدقم.
وقد استمرت الهيئة في جهودها الرامية إلى تحقيق رؤيتها لجعل المناطق الاقتصادية والحرة والمدن الصناعية (الوجهة الأمثل للاستثمار) وتنفيذ استراتيجتها للتحول المؤسسي، وستستعرض الهيئة بعد قليل نتائج التحول المؤسسي وأهم المؤشرات في المناطق المختلفة التي تشرف عليها.
إنّ الاهتمام الذي توليه حكومة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - بهذا القطاع يعد حافزاً لتعزيز البيئة الاستثمارية، وتطوير المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة والمدن الصناعية وتمكين المحافظات اقتصاديًا، مما يعزز من دور هذه المناطق في التنمية المستدامة في المرحلة القادمة بإذن الله تعالى.
إن الهيئة ماضية في تعزيز إسهام المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة والمدن الصناعية في الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ونود أن نتقدم بالشكر الجزيل لكافة العاملين في هذه المناطق التي تشرف عليها الهيئة ونخص أبناءنا وبناتنا العمانيين العاملين في هذه المناطق، كما نتقدم بالتقدير لكافة المستثمرين من داخل سلطنة عُمان ومن خارجها على ثقتهم بهذه المناطق وندعوهم للاستثمار في المدن الصناعية والمناطق الجديدة قيد الانشاء.